خلق الكون 1
منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض وهو يتساءل عن أصل الأشياء وأسباب تكونها وكيفية تكوينها ، ومن التساؤلات المهمة والقديمة و التي شغلت أذهان الناس خلال عصور طويلة هو السؤال المتعلق بأصل هذا الكون الواسع وكيفية ظهوره ؟ وقد حاول الإنسان عبر العصور الإجابة عن هذا السؤال من خلال أفكار وآراء عديدة والتي يعد بعضها أساطير وبعضها الآخر أصبح أفكار غير واقعية وبعضها نظريات توصل إليها العلماء بعد بحث طويل. وفي هذا البحث سنتناول بعض الأساطير البدائية التي حاول الإنسان القديم من خلالها الإجابة عن تساؤلاته حول نشوء هذا الكون العظيم من خلال أساطير كان أبطالها عبارة عن شخصيات خارقة وما فوق الطبيعة وعادة تكون آلهة أو شخصيات خرافية ؛إضافة إلى أن الآلهة كانت ذكور ولكن هناك بعض الإناث خصوصا أن عملية الخلق الأولى تحتاج إلى توالد من أجل إسكان الأرض.
نذكر بعض هذه الأساطير:
قصة التكوين عند السومريين : الكون في السومرية ((السماء والأرض)) يمكن تجزئته بموجب الفكر السومري إلى جزئين ،سماوي ويتكون من السماء وفضاء فوقها ويعني في السومرية (العلى) حيث تسكن الآلهة السماوية والآخر أرضي ويتكون من سطح الأرض وفضاء تحتها ب((العالم السفلي)) حيث تعيش آلهة العالم السفلي وحيث توجد الأموات وعلى ضوء أساطير سومرية مثل أسطورة ((الماشية والحنطة)) وأسطورة ((خلق المعول)) أن هناك خمس نقاط أساسية عند السومريين بخصوص خلق الكون :
1 ) في البداية كانت مياه البحر في السومرية الآلهة (نمو)وكانت هذه المياه أزلية كما تصور السومريين .
2 ) من مياه البحر الأزلية هذه ولد جبل كوني يمثل السماء والأرض واعتبر السومريين السماء عنصرا مذكرا والأرض عنصرا مؤنثا .
3 ) نتيجة لاتحاد السماء والأرض ولد اله الهواء (انليل) .
(4 إن الإله (انليل)فصل السماء عن الأرض فحمل أبوه السماء وهو حمل الأرض .
(5 بعد أن تم فصل السماء عن الأرض تم خلق الكواكب والنجوم وظهرت معالم الحياة على الأرض .
قصة التكوين عند البابليين : وهنا نجد انه لم يكن في البدء سوى المياه الأزلية ((أبسو)) المياه العذبة ، مذكر و((تيامة))المياه المالحة ، مؤنث . وانه من امتزاجهما ولد الجيل الأول من الآلهة ثم الثاني والثالث .....وتتكاثر على هذا النحو ويصبح صخبها وضجيجها ومدعاة لضجر أبيهم ((أبسو))فيعقد العزم على إبادة أبنائه ، لكن الآلهة الحديثة تعلم بالمكيدة فتقدم على قتله . وتحاول ((تيامة))الانتقام لزوجها القتيل فتجند كل ما لديها من قوى وأرواح شريرة فتاكة . وإزاء ذلك تصاب الآلهة بالذعر وتجتمع لتتدبر الأمر ...وبعد الأخذ والرد تعلن بالإجماع اختيار الإله ((مردوخ))ملكا عليها وبذلك تضعه أمام مسؤولية الدفاع عنها وخوض حرب طاحنة ضد ((تيامة))وجيوشها. ويقود ((مردوخ))جيوشه ويخرج في نهاية الصراع منتصرا وذلك عندما يقتل ((تيامة)) ويشطر جسدها إلى شطرين ليجعل من أولهما السماء ومن ثانيهما الأرض .
قصة التكوين عند الكنعانيين : وفي قصة الخليقة عند الكنعانيين يمكن ذكر أسطورة (صور البهية) الواردة على لسان فيلون الجبيلي فسنرى أن الكنعانية تبدأ من تصور وجود هواء يتعانق مع فضاء، ثم يبدأ الهواء بالتكاثف فينتج عنه عاملان هما الريح والشهوة ومن تزاوجهما يظهر ((موت))على شكل بيضة ثم تلقح الريح البيضة وتبعث فيها الحياة ثم تفقس البيضة وتخرج منها الكواكب و النجوم والشمس والقمر وبفعل ظهور النور تنفصل المياه واليابسة عن السماء. مما سبق نستنتج أن هذه الأساطير حاولت أن تفسر بطريقتها الخاصة أصل خلق هذا الكون العظيم لكنها لم تصل إلى الحقيقة الكاملة والتي سنرى فيما بعد كيف سعى العلماء إلى الوصول إليها بنظرياتهم و سنرى إلى ماذا وصل هؤلاء في النهاية ؟وعلى ماذا اتفقوا؟ وبماذا اختلفوا؟
فريق فضفضة
المراجع والمصادر:
- الماجدي ، خزعل ، المعتقدات الكنعانية ، دار الشروق ، عمان ، 2001.
- قاشا ، سهيل ، أثر الكتابات البابلية ، دار بيسان ، بيروت ، لبنان ، 1998.